تنبيه هام : لا مانع لدينا من نقل اي من مواد هذا الموقع لعرضه في مواقع اخرى , على ان يتم ذكر هذه المدونه ورابطها كمصدر للنقل 

الجمعة، 8 يونيو 2012

مآسي اسر وعوائل بسبب السائقين

تطالعتا الصحف يوماً بعد يومٍ بجرائم للسائقين؛ فتارة تكون اغتصاباً وتارة أخرى تكون ابتزازاً، وخلوة غير شرعية وغيرها من الجرائم التي يندى لها الجبين، إلا أنه على الرغم من كثرة جرائم تلك الفئة إلا أنها في زيادة مستمرة حيث بلغت نسبة السائقين الأجانب داخل السعودية ما يقارب مليوناً وخمسمائة ألف سائق، وفشلت كل الجهود لسعودة ذلك القطاع.
"سبق" حاولت على مدار أكثر من شهر أن تأتي بإحصائيةٍ رسميّة عن جرائم السائقين من الجهات المختصّة، إلا أنه أُغلقت أمامنا الأبواب وصار الحصول على تلك الإحصائية سراً
يصعب الوصول إليه، إلا أنه وفقاً لإحدى الدراسات غير الرسميّة، جاء السائق في المرتبة الخامسة بالنسبة للقائم بالإساءة ضدّ الطفل، سواء كانت جسديةً أو جنسيةً، إضافةً إلى الجرائم اللا أخلاقية.
  "سبق" تَدق ناقوس الخطر وتُطلق صيحة تحذيرٍ، وتتساءل: هل تراجع وتهاون دور الأسرة سببٌ في كثرة جرائم السائقين؟
  نظرات غريبة
إحدى طالبات الجامعة ذكرت لـ "سبق" قصتها قائلة: كنت ألاحظ دائماً عند ركوب السيارة مع السائق أنه ينظر إليَّ نظراتٍ غريبة، لم ألتفت إليها في بداية الأمر، بيد أن الأمر تطوّر بعد ذلك، وحاول الإمساك بيدي في إحدى المرات. وتابعت حديثها: صارحت أمي بما فعله السائق معي، فأقسمت على ألا أذهب بمفردي معه مرة أخرى، ومنذ هذه الحادثة وأمي أو أخي الأكبر يرافقاني في كل مكانٍ مع السائق.
براثن السائق
وتحدثت طالبة ثانية عن مأساتها لـ "سبق" قائلة: أركب حافلة الجامعة مع زميلاتي، وأسكن بعيداً عن الجامعة، ودائماً تشاء الظروف أن أظل مع السائق حتى نهاية الطريق، وفي كل مرة كان يجذب انتباهنا بكثرة اتصالاته الهاتفية والتحدث بصوت ناعم.
وبصوت ممزوجٍ بالبكاء استكملت حديثها: منذ فترة قريبة وفي أثناء عودتي من الجامعة، انحرف السائق بالحافلة في مكانٍ منعزلٍ عن المدينة، عندها سكنني الرعب وارتعش جسدي، وسألته أين نحن؟ فأقترب مني وحشٌ يريد افتراسي، عندئذ انطلقت صرخاتي تخترق صمت المكان، وحمدت ربي أن هيّأ لي رجال الهيئة الذين أنقذوني من براثن السائق.
سائق سعودي
وعبّرت إحدى الأمهات عن مخاوفها من ركوب بناتها مع سائق الحافلة الجامعية قائلة: أشعر بالقلق تجاه السائق؛ لأنه غير مسلم وتختلف عاداته عن عاداتنا، ودائماً أحذّر ابنتي وأرشدها بالسلوك الأمثل في حال تعرُّضها للإيذاء أو التحرُّش من قبله، متمنيةً أن يكون سائقو الحافلات سعوديين حتى يكونوا على معرفةٍ بالعادات والتقاليد، ويتقوا الله في بناتنا.
  هروب من الجحيم
وحدّثتنا طالبة جامعية عن صديقتها قائلة: تعيش صديقتي في أسرة مفكّكة، فدائماً تنشب الخلافات بين أمها وأبيها، وكانت تحدثني دائماً عن رغبتها في الانتحار هرباً من الجحيم الذي تعيش فيه، وتابعت حديثها: أخبرتني صديقتي عن استقدام سائق شاب ليعمل لديهم، وبمرور الأيام تعلّقت به واستغل ذلك وأغدقها بعبارات الغزل والحب حتى أحبته، بل فكرت جدياً في الهروب معه، هرباً من مناخها الأسري المشتت دائماً.
جزءٌ من الأسرة
ورأى أستاذ علم الاجتماع والجريمة المساعد الدكتور عبد الله الشعلان، أن  التغيُّر الاجتماعي الذي تشهده الأسرة السعودية في بنائها ووظائفها، جعل هناك حاجةً ماسّة للأسرة إلى الاستعانة بالسائق؛ لقضاء احتياجاتها وإعادة توازنها، مشيراً إلى  اتساع وتعدُّد مجالات عمل رب الأسرة واضطراره للغياب عن بيته أوقاتاً طويلة، ما جعل السائق جزءاً أساسياً من بناء الأسرة السعودية، حيث أُعيد توزيع وترتيب الأدوار الاجتماعية في الأسرة وخُصِّص للسائق مهامّ لا يؤديها سواه.
وعن الآثار الاجتماعية السلبية لوجود السائق على الأسرة، قال: ظهور الاتكالية من قِبل أفراد الأسرة على السائق؛ ما أثّر سلبيا في تنشئتهم، كما أنه زاد من ضعف الضبط الاجتماعي، موضحا أن الأب حين يُوصل أبناءه إلى أي مكانٍ، فإنه يقوم بعملية التوجيه والضبط لسلوكهم ما يجعلهم في عمليةٍ تنشئةٍ مستمرة، على عكس وجودهم مع السائق فهم مَن يوجهونهم.
وحذّر الشعلان من تأثير الثقافة المغايرة السائق على ثقافة الأسرة وإدخاله بعض السلوكيات الغريبة على اللغة والدين والعادات، مشيراً إلى ظهور بعض السلوكيات المنحرفة من قِبل السائقين كالإساءة إلى الأطفال، إضافة إلى الجرائم اللا أخلاقية الأخرى التي يرتكبها السائقون ضدّ أفراد الأسرة كالاغتصاب والابتزاز والخلوة.
  تبادلٌ لإشباع الغرائز
ولفت المستشار النفسي والاجتماعي الدكتور خالد الصغير، إلى أن خطورة السائق تكمن في أمور عدة: كاللغة وضياع الهوية الوطنية، إدخال بعض العادات الغريبة على الأبناء والبنات، محذّرا من السائق غير المسلم الذي قد يمارس طقوساً معينة ويتعمّد ممارستها أمام الأبناء.
وتحدث عن خطورة التفكك الأسري قائلاً: إذا لاحظ السائق تفكك الأسرة، فإنه يعمل على إشباع غرائزه الجنسية؛ فيغرّر بالأبناء أو يقيم علاقات خفية مع البنات عند توصيلهن للمدارس والجامعات أو الأسواق، محذّرا من حدوث تبادلٍ لإشباع الغرائز بعد فترة طويلة تصل لعمق العلاقة بينهما وبنائها وتكوينها بعيداً عن الأسرة، وخاصة مع  انشغال الأب عن المتابعة.
  جلسة خاصّة للسائق
وبسؤاله عن دور الأسرة في توعية بناتها أجاب: إن جلسات الأسرة مع بعضها بعضا مهمة جداً لإعطاء الأبناء بعض الدروس، والحرص في العلاقة، وخاصة البنات، ناصحاً أن تكون الجلسات يومية أو شبه يومية لإيصال رسائل نفسية أن الأب والأم حريصان على الحفاظ على جو الأسرة المستقيم، والذي لا يقبل أي دخلاء غير شرعيين، وأكّد على دور الأب في مناقشة بناته، ويشرح لهن كيفية البداية والأساليب التي يتبعها كل من يرغب في إقامة علاقة غير شرعية معهن، حتى يرفع مستوى الملاحظة لديهن فيسرعن بالتبليغ قبل الوقوع في المحذور، والذي يصعب التخلص منه.
ورأى المستشار الاجتماعي أن العمر المناسب للسائق أربعين سنة فما فوق؛ لأن العقل والثبات يكونان في هذه السن أكثر  من قبلها، وبالتأكيد يكون في هذه السن متزوجاً، ولديه أبناء وبنات، محذّرا من صغر عمر السائق الذي تسيطر عليه الغريزة الجنسية ويعجز عن ضبطها أو كبتها، وعبّر عن أسفه أن يكون الضحية أحد الأبناء أو البنات.
ونصح الأسرة بعدم إرسال البنات مع السائق دائماً، وإنما فقط في الأشياء المهمة، وتجنب الحديث معه قدر الإمكان أو الضحك أمامه، مقترحاً حضور السائق مع زوجته أو أخته، أو توصيل البنات ومعهن محرم.
وفي حالة عدم توافر هذه الشروط، فيمكن التواصل معه عبر الأب أو الأخ الأكبر، وإذا استدعى الأمر تتدخل الأم، ورأى أن هذا يعطى مؤشراً للسائق على جدية والتزام هذه الأسرة ولا تقبل أي انحراف عن الخط المستقيم.
  الاهتمام بالسائق
وتطرق إلى الاهتمام بالسائقين عبر التنسيق مع بعض الجهات التي تُعنى بهم وتقدم لهم الدورات الشرعية لرفع الوعي الديني لديهم وهذا بالطبع ينعكس على الأسرة والمحافظة عليها،  مقترحاً أن يكون للسائق جلسة خاصة أسبوعية مع أصدقاء له يقوم رب الأسرة باختيارهم، وإدراجه معهم ممّن يتمتعون بالسمعة الطيبة. وأوضح أن هذا سيصبح متنفساً لهم من ضغوط الحياة، وختم حديثه قائلاً: لديّ أمرٌ غريبٌ نوعاً ما، بيد أنه له الأثر الطيب على نفسية السائق، وإعطائه دافعاً قوياً لحماية الأسرة وانتمائه لها، وذلك باختلاق المواقف من رب الأسرة والتي تعمل بدورها على حماية السائق والوقوف بجانبه، ومع مصلحته ومن هنا تتكوّن لدى السائق حماية الدفاع عن كيان هذه الأسرة وعدم المساس بأمنها.
  المرأة والعمل
وأفاد الكاتب جمال بنون، بأن خروج المرأة للعمل أسهم بشكلٍ كبيرٍ في رفع نسبة استقدام السائقين من الخارج بنسبة وصلت إلى 40 %، مشيراً إلى ضعف نسبة العاملين السعوديين في هذا القطاع حيث تمثل 20 % فقط.
وأستنكر وجود عددٍ كبيرٍ من العاملين من جنسياتٍ مختلفة والتي يصل عددها إلى نحو مليون و500 ألف تراوح أجورهم ما بين 1800 ريال و3 آلاف ريال، مشيراً إلى وجود ما يراوح بين 40-60 % يعملون سائقين لدى السيدات، و30 % في قطاع النقل المدرسي، والبقية هم سائقون للعائلات. وقال: لقد أسهم عدم انضباط سوق القيادة وسيارات الأجرة وانفلاتها من دون رقيبٍ من جهات حكومية، في ترك الباب مفتوحاً أمام كل من هبّ ودبّ للعمل في هذه المهنة.
إعادة هيكلة
وأشار بنون إلى الانفلات الكبير الموجود في هذا القطاع ، الذي أسهم بشكلٍ كبيرٍ في انتشار عديدٍ من السلوكيات الخاطئة من قِبل سائقي الأجرة وسيارات النقل المدرسي، وتابع حديثه قائلاً: ارتبط هذا القطاع بوجود عديدٍ من الجرائم الاجتماعية وحالات اغتصابٍ وابتزازٍ وسلوكياتٍ غير أخلاقية.
وطالب بإعادة هيكلة ووضع ضوابط لهذا القطاع، مع وضع مواصفاتٍ محدّدة لشركات الأجرة في تعيين السائقين، وإلزام هذه الشركات بتسجيل السعوديين في التأمينات الاجتماعية، مع تقديم حوافز مشجعة حتى ينخرطوا في هذه المهنة.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Website counter